أخبار العالم

أبوعبدالرحمن بن عقيل.. الفقه المُستنير يمشي على قدمين – أخبار السعودية – كورا نيو



للتجربة الثقافية في المملكة ركائز لا يمكن تجاوزها، وإنْ لم يمنحنا التسارع الزمني الوقت الكافي للوقوف أمامها لإنصافها، باعتبارها عالميّة التكوين والتجليّات. ومن الركائز الثقافية في المملكة شخصيّة الفقيه الأديب أبو عبدالرحمن محمد بن عمر بن عبدالرحمن بن عقيل.

وإذا كانت ثقافة الأمم عبارة عن مشاريع، فإن أحد مشاريع ثقافتنا السعودية مشروع «أبو عبدالرحمن» بدءاً من نبوغ مبكّر، ثم التحصيل المعرفي والأدبي، الذي انفتح على شاب مكتمل العُدة والعتاد، فوجد رحابة الصدر، وسعة الأفق، وسرعة البديهة، والشواهد، وما خاضه من غمار قراءات، والدخول في نقاشات بل وحوارات ساخنة، حادِيه فيها ما يحسبه حقاً وخيراً وجمالاً لا عذر له إلا الانتصار له.

لم يقنّن الاطلاع على ما يوصي به المشايخ من كتب، بل لذّ له أن يعرف، فقرأ غالباً في كل فنّ، ما صهر في وجدانه التقليدية المدرسيّة، وخلق منه إنساناً متعدد المستويات والاهتمامات، سخّر الوقت للعمل والإنجاز فكتب أعذب المقالات عن أستاذه «ابن حزم»، وحرر كثيراً من المسائل الفقهية التي تتعلّق بالسماع، ولم يكن وجِلاً من أن يعرف عنه بعض الخواص انفتاحه على الحياة، وتغنّيه بها، والتعبير عنها بدرر ونفائس المفردات.

كان ولا يزال «ابن عقيل الظاهري» عاشقاً للمعرفة، مُغرماً بالحُسنِ، طروباً إلى شدو الصباحات والصبابات، ولعلّي أرى فيه مطابقةً لنصّه، فهو شخصية حُرة، بوجه واحد، نعرف منبعه، ونرى فيض جريانه على شواطئ نهر الحياة، وهو الجريء في تسمية الأشياء باسمها، ومن يعيش مع كتبه، سينصف معناه ومبناه، وتتربى ذائقته ووعيه على فقه مستنير لا شطط فيه ولا عُنف، فالإسلام عند أبي عبدالرحمن عشق، ومحبة، ومنه تعلّمنا كيف يموتُ العُشّاق، وهو الممتلئ بالمتنبي:

«وعذلتُ أهلُ العشقِ حتى ذقته

فعجبتُ كيف يموتُ من لا يعشقُ».

وُلد أبو عبدالرحمن في شقراء من بلدة الوشم عام ١٣٥٧هـ، وتلقى تعليمه الابتدائي بها، وحصل على شهادة الثانوية العامة من معهد شقراء العلمي، ودرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتخرج في كلية الشريعة، ثم أتم تعليمه العالي في المعهد العالي للقضاء في مدينة الرياض، ونال درجة الماجستير في علم التفسير.

يتسمّى بالظاهري لانتسابه إلى «المدرسة الظاهرية»، وهو عالم بكتاب الله، وتفسيره، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم صحيحه وضعيفه، وفقيه مبرز، وأصولي مُتقن، وأديب، وفيلسوف يضاهي علماء الكلام والفلسفة.

عمل في إمارة المنطقة الشرقية، وفي ديوان الموظفين العام (ديوان الخدمة المدنية حالياً)، ثم مديراً للخدمات في الرئاسة العامة لتعليم البنات، ثم مستشاراً شرعياً في وزارة الشؤون البلدية والقروية، ثم مديراً للإدارة القانونية بالوزارة ذاتها، وكان رئيساً للنادي الأدبي في الرياض، ورأس تحرير مجلة «التوباد»، ومجلة «الدرعية» التي يملك امتيازها، وهو عضو مراسل في مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

وفي الدورة الـ30 من مهرجان الجنادرية، تم اختياره شخصية العام، ومنحه الملك سلمان بن عبدالعزيز وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، باعتباره الشخصية الثقافية المكرمة، إزاء ما قدمه من إسهام فاعل للحركة الفكرية والإبداعية، وتتويجاً لمسيرته الطويلة في مجال الكتابة والأدب.

ومن مؤلفاته؛ «من أحكام الديانة»، «تخريج بعض المسائل على مذهب الأصحاب»، «شيء من التباريح»، «تباريح التباريح»، «تخريج حديث (لا صلاة للفذ خلف الصف)»، «تحقيق بعض المشكل من حديث (الصيام جُنة)»، «كيف يموت العشاق»، «نظرية المعرفة»، «المرأة وذئاب تخنق ولا تأكل»، «الإمتاع بنَسْقِ الذخائر عن بَشْقِ المسافر وأي أيام الأسبوع هو الآخِر»، «يا ساهر البرق لأبي علاء المعري (تحليل وتفسير)»، «عبقرية ابن حزم»، «ابن حزم خلال ألف عام».


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى