أخبار العالم

ابن خلدون والبدو: من قسوة الصحراء إلى صناعة الحضارة – أخبار السعودية – كورا نيو



كثيرون يرددون مقولة منسوبة إلى ابن خلدون: «أينما حلّ العرب حلّ الخراب». غير أن الحقيقة أبعد ما تكون عن هذه الصورة المشوهة.. ابن خلدون لم يقصد الطعن بالعرب أو بالبدو، بل كان يصف ديناميكية اجتماعية وحضارية أثبتها التاريخ مراراً.

فالبدو عند ابن خلدون هم أصل القوة، ومنبع العصبية، وحملة راية الفتوحات.

الصحراء صنعت رجالاً أشداء، علمتهم القسوة الصبر، والحرمان الكرامة، والشدائد الشجاعة.. ومن رحم البداوة خرجت جيوش العرب الأولى التي نشرت الإسلام، وأسست واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ الإنساني، من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً.

ابن خلدون رأى أن البدو لا يهتمون بالزراعة ولا بالصناعة، ليس عجزاً، بل لأن طبيعتهم المرتحلة لا تسمح بالاستقرار الطويل.. لكن هذه الروح القتالية، وهذا التماسك الاجتماعي، هو ما مكّنهم من كسر إمبراطوريات كبرى لم تصمد أمام صلابتهم! ولولا البدو، لما قامت حضارة حضرية مزدهرة في دمشق أو بغداد أو القاهرة.

أما الحضر -أهل المدن- فقد أخذوا مشعل الحضارة من البدو، فشيّدوا العمران وطوروا الفنون والعلوم.. لكن الترف والراحة أضعف عزيمتهم مع الوقت، فغلبهم بدو جدد أشد بأساً، لتستمر الدورة الحضارية التي رآها ابن خلدون قانوناً للتاريخ.

المفارقة أن البعض يستشهد بابن خلدون لتشويه صورة العرب والبدو، بينما الرجل نفسه لم يكن إلا منصفاً في ملاحظاته: البدو هم الشرارة الأولى، القوة الصاعدة، الدم الجديد الذي يبعث الحياة في عروق الأمم. ولو كان في البدو «خراب»، لما كان لهم فضل في بناء نصف معالم الحضارة العربية الإسلامية.

إنصاف البدو ليس مجاملة، بل قراءة دقيقة للتاريخ: فبينما كان الحضر يغرقون في الملذات، كان البدو يصنعون الممالك.. وبينما ذاب غيرهم في الترف، حمل البدو راية الدين واللغة، فكانوا عماد الأمة في يوم من الأيام.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى