أخبار العالم

الأبيضُ مكلَّفٌ بحراسةِ الصمت – أخبار السعودية – كورا نيو



1 – لماذا النشيد؟

النشيد وسيلةُ الجرحى يتداوَون بإيقاعِه، حتّى يظلّوا واقفين، والنشيدُ مشعلُ التائهين يرفعونَهُ لِيدركوا ظلالَهم فيكونونَ قريباً جداً من وردتِهم.

والنشيد عاصفةُ الجاحظين يقتلعونَ بها ما يقفُ حاجزاً بينهم وبين وجوهِهم، بينهم وبين نهنهتِهم، بينهم وبين حناجرِهم، النشيد رايةُ الموجوع وآيةُ الشفيف اِقتسمتْهُ اللغة وطهّرتْه الأحلام

والنشيد أمارتُهُ

يتّخذُ منها أجنحةً وهواءً وسماء.

28 يونيو 2025

2 – بحرُ «سِيدي بوسعيد»

تحتاجُ إلى شِعرٍ لِتستطيعَ حمْلَ هذه الزّرقةِ وهذا البياضِ، ويُعْوزُكَ النسيانُ لِتنهضَ دون رضوضٍ ولا كدمات، لتأخذَ كفّك من خطوطِ هذي الحجارة وتُلوّح بها، قرعَ دفوفٍ وأهازيجَ عاليةً لتدفعَ بعيداً عن أذنك ما يقولُه ويُردّدهُ هذا البحرُ، فَابنِ لك قصيدةً واصعدْ عَلَّ فؤادكَ يراكَ ويتبعكَ ولا يُصرُّ على البقاءِ بين دُروبها، وأَقِم حولكَ جُدراناً كثيرةً، ودَعْ ذئابَ الذكريات خارجَها؛ أقلُّه تَخفَّفْ من وَجِيب هذا القلب.. أقلُّه تَمضي بِعيونكَ خفيفةً من زَيغِها خفيفة من الألقِ وبريئةً تماما من سِيدي بو سعيد.

23 يونيو 2025

3 – قعرُ فنجانآخرُ معابرِنا وآخر ملاجئنا قعرُ فِنجان، لَنْ ننتظرَ مساءً تَخلّى عن كائناتِه ولن نَتحيّنَ واقفين أن يفيضَ بناحيةٍ ولا جِهة، فأصابعُنا التي كَلّفْناها بِعرْوتِهِ لَن تَخذِلنا، وعُيوننا التي ألقَيناها في ساحتِهِ لَسْنا مُتَوقِّعين أنْ تَعودَ في هُدْبِها بِصيدٍ، آخرُ الملاجئِ يرسُمُ بِاستدارةِ وَجههِ عَجْزهُ عن أنْ يُعِين، آخر الجدرانِ لا يَعِدُ ظُهُورَنا بِشيءٍ، حتّى وإنْ وَاربَ حُلْكتهُ بِرغْوةٍ فهو لا يُومئُ إلا إلى أنّ غِطاءَ الصّبرِ بِمِزَقهِ لا يَستُرُ خَيبةً ولا يَنمّ إلّا عن قهوةٍ مُرّة؛ قهوةٍ كَعرْضِ هذا اليأسِ..

آخرُ المَمرّاتِ وآخرُ من بَقِيَ مَعَنا فنجانٌ صَباحيٌّ وَانْكِبابةٌ عميقةٌ عليهِ هي صُورتُنا وهي حِيلتُنا وهي وحْشتُنا وهي أمُّ العَبثِ.

20 يونيو 2025

4 – خزعلعندما مَرّ علينا خزعل الماجدي بِخزائِيلِهِ أَخذَ رِقابنا مَعه، وكان يُشيرُ بِإبهامهِ إلى ما وراءهُ، كان يُومِئُ به إلى المنعطفِ المُشِعّ، المنعطفِ ذي الضوءِ وكانت كلماتُه تَحتدمُ فوقَه: أمَمٌ من الشِّعرِ لَم تصلْ بعدُ

أممٌ من النارِ اِسمعوا دَبيبَ جمرِها.

19 يونيو 2023

5 – تغنّي وتتبعُ الأثربِما تَقولهُ أوتارُ العودِ، تُذكِّركَ بِهِجرتِكَ من نفسِكَ، بِضرورةِ العَودةِ إليها وبِحاجتكَ الماسّةِ إلى شُرُودكَ، يَصْمتُ العودُ لِيتيحَ لكَ جَمْعَ الضّرورِيّ مما ألقَيتهُ في النّسيانِ ولم تعُد إليه، مما يَعنيكَ ويُعرِّفكً على الجهةِ التي عليكَ أنْ تَسلُكها، بِالخرائطِ التي يَضعُها بين يدَيكَ والتي عليك أنْ تفتَحها وتُيمِّم صَوْبَ طريقِ العودة، أوتارُ العودِ بما تُوَقّعهُ تُومِئُ إليكَ أنكَ تائهٌ وبعيدٌ عنها وينبغي أنْ تُسارِعَ، تُغنّي وتَتْبعَ الأثرَ.

13 يونيو 20256 – أَكْفان.. إلى: د. آلاء النجّارلا يُسْألُ الأبيضُ عن صَنيعِهِ، لا يُسألُ عما يَجمعهُ مِن هُمودٍ، هو الأبيضُ الذي لا يُسأل حتى لو أنه وَضَعَ بَياضَهُ كلّه في نسيجٍ، حتى لَو أنه مَشى في أثرِ أعضاءٍ تَركَها أصحابُها متاعاً عندَه وغادَروها مُسرعِين، حتى لَو أنه فعلَ ما يفعلُه لا لِشيءٍ سِوى أنه عَزمَ أنْ يَشغلَ خيوطَهُ بِحكمةِ التّلوِيحِ، وأن يُعلّمَها أنه مَقسورٌ على صُنع الظلالِ الباردة، وسوى أنه يَنْحتُ ما ينحتُهُ ويُسْلِمهُ لِصيغةٍ نهائيّةٍ لا لِسببٍ غير أنه أبيض يعرفُ وَجعَ أنْ لا يُسأل.

لا يُسأل الأبيضُ عما يَهْذي به عن وجوهٍ اِستقرتْ هادئةً في قاعِه فلم تعُد مَرئيّةً، لا يُسأل عن عُزُوفها عن عُيونِها وأفواهِها وابتعادِها كثيراً عن كلّ أعضائها، هي التي اِنصرفتْ في أبيض مُكرَهٍ أنْ يُدثّرَ كلماتٍ لم يَتسنَّ لأصحابها أنْ يقولوها، أنْ يَمْحو صرخاتٍ لَم يُتِحْ لهم الوقتُ أن يكتبوها.

الأبيضُ لا يُسألُ فهو مُكلّفٌ بِحراسةِ صمتٍ أَبديٍّ، مُكلّف بِبذْلِ كلّ بياضهِ في السّهرِ على الذين ذهبوا بعيدا في طَيّ أيديهم، في إِهمالِ أفواههم، في ترتيبِ أجسادهم وِفقاً لِمشيئةِ أبيض مِن عادتِهِ ألّا يُسأل عمّن كُلّف بهم فَراحَ يُواسيهم على طَريقتهِ ويُلْهيهمْ عن وِحدتهم الأخيرةَ بِبياضهِ وبِشغفهِ الشديدِ لَو أنه مَرّةً يُسأل.

10 يونيو 2025

7 – رحيلُ الأصدقاءيَرحلونَ ويرحلون صَوْبَ نَظراتِهم البعيدةِ،

لا يَحمِلونَ مَتاعاً غيرَ عيونِهم، لا دَليلَ لهم غيرَ قلوبِهم

وكلّما جَنّ عليهمُ الليلُ، حَطّوا رَحلَهم وتَحسّسوا عُشبَ أرواحِهم، جَمعوا ما استطاعوا من اللغةِ و أوقدُوها؛

يرحلون ويرحلون حادِيهم الأملُ

ورفيقُهم اللّوعة.

10 يونيو 2025

8 – اِنتحارُ شاعرةالكلماتُ مُبرّرٌ قويّ كي لا تقفَ على الحافّةِ، الكلماتُ تُنبّهكَ دائماً حينَ تَصلُك دَعوةُ الهواءِ، والكلماتُ تقفُ دائماً، لِصقَ ظهرِكَ متأهّبةً؛ لا أَدري كيفَ اِستطاعتُ أنْ تقطعَ حبلَ الكلماتِ الذي يُطوّقُ خَصْرها، تُرى هلْ بَرَتْ أسنانَها على حَجَرِ الحزنِ حتّى تَحرّرتْ منه مُحلّقةً في قَصِيدتها الأخيرةِ؛

بَنَتْ «نيلغون مرمرة» نقطةً شاهقةً وَوَقفتْ عليها لِتعبُرَ إلى وَجهِها، لِتصلَ إلى عيونِها الجاحِظَةِ.

3 يونيو 2025

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى