الاستثمار الأخضر الذكي – أخبار السعودية – كورا نيو

قرأتُ في كتاب الاستثمار في عصر تغيّر المناخ لبروس أشر أن المناخ والطبيعة من المجالات المهملة في الجوانب الاستثمارية والاقتصادية، ومن المهم اليوم الالتفات إليها عبر الاستثمار السريع والمستدام، وصناعة الفرص، وتوفير وسائل استثمارية برؤية جديدة للمستقبل تخدم مصالح المستثمرين المالية ومصالح المجتمع بأسره.
واتساقًا مع فكرة بروس أشر الاستثمارية في المناخ، قرأتُ خبرًا عن إنجاز وطني مُلهم؛ حيث تخطو محافظة الخبر خطوة سبّاقة نحو المستقبل بإطلاق مشروع «رقمنة الأشجار»، لتصبح أول مدينة خضراء ذكية في المملكة. هذه المبادرة، التي أطلقتها بلدية الخبر، ليست مجرد مشروع بيئي تقني، بل رؤية متكاملة تجمع بين الاستدامة والابتكار والتوعية المجتمعية.
وقد كتبتُ سابقًا عن ضرورة الانتقال إلى صناعة مدن خضراء وذكية، وما يميّز هذه التجربة أنها لا تكتفي بزرع الأشجار، بل تمنحها هوية رقمية من خلال بطاقات ذكية توثّق بيانات كل شجرة، مثل نوعها، موقعها، وأهميتها البيئية. هذه البيانات تُربط جغرافيًا لتكوّن قاعدة معلومات دقيقة وشاملة، تفتح آفاقًا جديدة في إدارة الغطاء النباتي الحضري، وتخلق فرصًا استثمارية واقتصادية للمشاركة المجتمعية والشركات البيئية.
من وجهة نظري، الفرصة الوطنية الأكبر تكمن في التوسّع؛ فالمملكة العربية السعودية، بثروتها الطبيعية وتنوعها البيئي الكبير من الشمال إلى الجنوب، وبصحاري نجد، وسواحل الخليج والبحر الأحمر، تمتلك تنوعًا نباتيًا غنيًا يمكن توثيقه وحمايته بالآلية نفسها. فلنا أن نتخيّل مدنًا مثل أبها، الطائف، وحائل تنضم إلى هذه المبادرة؛ حيث تُوثّق كل شجرة طلح أو عرعر أو سدرة وتُربط ضمن شبكة بيئية وطنية ذكية. مثل هذا المشروع سيُسهم حتمًا في دعم مبادرات السعودية الخضراء ويعزّز مكانة المملكة عالميًا في التحوّل البيئي والتقني.
ختامًا، مبادرة مدينة الخبر اليوم لا تُؤرّخ الأشجار فحسب، بل تُؤرّخ الوعي البيئي؛ إنها مدينة سعودية تُقدّم درسًا حضاريًا في كيف يمكن للبيئة والتقنية أن تتكامل، وتُقدّم نموذجًا يُحتذى به على مستوى الوطن بأكمله.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات