التشريع السعودي.. وضوح ومشاركة يصنعان التنمية – أخبار السعودية – كورا نيو
منذ القدم، وعبر التاريخ وصولاً إلى حاضرنا المعاصر، كان القانون هو الإطار الذي يحكم حركة المجتمعات ويحمي استقرارها. غير أن التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة اليوم جعلت من التشريع أداةً فاعلة في رسم مسار التنمية ذاتها. فالقانون لم يعد نصوصاً صامتة، بل أصبح رؤية متكاملة توازن بين تحقيق العدالة، وتيسير الاستثمار، وضمان حقوق الأفراد، وصناعة بيئة تنافسية قادرة على مواكبة المستقبل.
إن جوهر التطوير التشريعي يكمن في القدرة على الجمع بين الوضوح الذي يرفع اللبس عن النصوص ويجعلها في متناول الجميع، وبين المشاركة المجتمعية التي تتيح لأصحاب التخصص والرأي والمجتمع المدني المساهمة في صياغة الممارسات الأفضل. بهذا يصبح التشريع انعكاساً حقيقياً لحاجات المجتمع وتطلعاته، لا مجرد أوامر فوقية.
ولعل ما يثبت أهمية هذه الرؤية ما أكده معالي وزير العدل الدكتور وليد بن محمد الصمعاني خلال مشاركته في المؤتمر السعودي للقانون 2025، حيث أوضح أن التطوير القانوني في المملكة اليوم ينهض على منظومة تشريعية متخصصة تعزز مسيرة التنمية الشاملة وتفتح آفاق الابتكار الوطني. وأكد أن النصوص القانونية لا تكفي وحدها، بل يجب أن تُقرأ في ضوء غاياتها ومقاصدها، بما يحقق الوظيفة التشريعية ويجعلها أداة للتقدم لا عائقاً أمامه.
هذه الرؤية تضع المملكة أمام نموذج تشريعي غير تقليدي، يُعلي من شأن العدالة باعتبارها مقصداً أساسياً، ويجعل من الشفافية والمشاركة ركيزتين في إعداد القوانين. وهو ما ينسجم مع تطلعات رؤية السعودية 2030، حيث تُبنى التنمية على حوكمة رشيدة، واستقرار قانوني، وانفتاح على المشاركة العامة.
ولأن التشريع لا يُقاس ببلاغة نصوصه فقط، بل بآثاره الملموسة على حياة الناس، فإن أثر هذا التحول سيكون واضحاً على أكثر من مستوى:
• المستثمر سيجد أن التعامل مع المملكة يقوم على إطار تشريعي واضح وشفاف، يقلل من مخاطر الغموض، ويضمن سرعة الفصل في النزاعات، ويعزز الثقة في استدامة العقود والتزامات الأطراف.
• المواطن سيشعر أن حقوقه أصبحت أقرب منالاً، وأن إجراءات التقاضي أو طلب الخدمات العدلية باتت أسرع وأكثر وضوحاً، مما يرفع مستوى الثقة بالنظام القانوني كجزء من حياته اليومية.
• البيئة التجارية ستصبح أكثر تنافسية وجاذبية، حيث تتيح النصوص الواضحة والمشاركة المجتمعية فرصاً متساوية للشركات المحلية والأجنبية، وتمنح السوق السعودي سمة الاستقرار التي تُعد أساساً في قرارات الاستثمار العالمية.
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تحديث للأنظمة، بل هو انتقال نوعي في فلسفة التشريع ذاتها. فالمملكة تعلن أن القانون شريك في التنمية، وأن المجتمع جزء من صناعة القرار التشريعي، وأن الغاية العليا هي تحقيق الصالح العام وردع المفاسد.
وبهذا، لا يصبح التشريع أداة تنظيم فقط، بل لغة الدولة في مخاطبة المستقبل، ومعلَماً من معالم قوتها الناعمة، ورسالة واضحة بأن المملكة لا تكتفي بالالتحاق بركب التطوير القانوني، بل تسعى إلى صياغة مدرسة سعودية جديدة في الفكر التشريعي، تجعلها قدوة ومصدر إلهام لدول المنطقة والعالم.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات