أخبار العالم

المسألة اليهودية تتجدّد في أمريكا – أخبار السعودية – كورا نيو


تابع قناة عكاظ على الواتساب

اليهود تاريخياً، لم يشعروا بالأمان، إلا إذا امتلكوا نصيباً من موارد القوة يفوق نسبة تعداد حجمهم (بمراحل) في المجتمعات التي يعيشون فيها. هم لا يسعون للحصول على السلطة، يكفيهم السيطرة على حركتها عن كثب. هم يعون تماماً، أن تصرفاتهم وميولهم العنصرية لا تحقّق لهم الوصول إلى السلطة، دعك من إمكانية البقاء فيها. لهذا كان اليهود أقلية مكروهة في المجتمعات التي يعيشون فيها، في تكتلات اجتماعية منعزلة (الجيتو)، بينما يديرون دفة السلطة، عن طريق الاستحواذ على أكبر قدر من موارد القوة المتاحة، بالذات رأس المال، الذي أَسَرُوا به النخب السياسية، وأذلوا به عامة الناس، عن طريق الربا الفاحش.

هذا هو أساس المسألة اليهودية، في مجتمعات أوروبا الحديثة، وكثير من مجتمعات الشرق، مما استفزّ حركات سياسية قومية ويسارية، شعارها الأساس العداء لليهود، وتحميلهم كل مشاكل المجتمع، وفساد بعض أنظمة الحكم القائمة، مثل ما كانت عليه العقيدة السياسية للنازيين، في الفترة ما بين الحربين، حتى هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. النازية والقومية، من أهم الأيديولوجيات عداءً لليهود، هم وراء نشوء ما يطلق عليه المسألة اليهودية، نتاجاً لما يزعمون (العداء للسامية). العداء للسامية، لم يكن فقط شعاراً سياسياً، للعتق من رِبْقَةِ اليهود، التي تقيّد الشعوب والحكومات في المجتمعات الأوروبية، بل كانت ممارسة ممنهجة لاضطهاد اليهود، رداً لنشرهم الفساد، بكل أشكاله، في المجتمعات الأوروبية، التي يعيشون فيها، للسيطرة على حكوماتها وإذلال شعوبها.

كان تصدير المسألة اليهودية إلى منطقة الشرق الأوسط، بهجرات منظمة لفلسطين الفترة ما بين الحربين، ما هو إلا جزء من محاولات شعوب وحكومات أوروبا للتعامل مع المسألة اليهودية. حتى تشجيع هجرة اليهود للعالم الجديد، بالذات لدول شمال أمريكا، كان جزءاً من تصفية المسألة اليهودية، في مجتمعات العالم القديم، بالذات أوروبا.

بعد الحرب العالمية الثانية اتخذت الحركة الصهيونية قراراً استراتيجياً بعدم التعرّض لظروف تجدّد المسألة اليهودية في أي مجتمع، بالذات مجتمعات الغرب التقليدية، في أوروبا وأمريكا الشمالية. لقد أخذت الحركة الصهيونية العالمية على عاتقها وعداً أقسمت فيه ألا تتكرر المسألة اليهودية في أي مجتمع، باتباع وسيلتين استراتيجيتين. الأولى: أن تكون لهم دولة منيعة خالصة لليهود، قادرة هذه المرة، أن تمارس سيطرتها وتوفّر الأمان اللازم لليهود، وتَحُولُ دون ظهور مسألة يهودية، وللأبد. الثانية: مواصلة ابتزاز المجتمعات القوية والفاعلة، في نظام ما بعد الحرب الكونية الثانية، حتى لا تتطوّر بها مسألة يهودية، بأي ثمن، عن طريق منح اليهود فيها ما يمكن تسميته بالحصانة والامتيازات العِرْقِية والاجتماعية والدينية، عن طريق استغلال عقدة الاضطهاد فيها، للحؤول دون تطوير ثقافة العداء للسامية. من ناحية أخرى: العمل على ممارسة ابتزاز شرس لمؤسسات المجتمع والدولة، لتوفير أقصى أمان ممكن لليهود في مجتمعاتها، مع أقصى دعم سياسي وعسكري، للدولة اليهودية الخالصة (إسرائيل). في كل الأحوال: يكون ولاء اليهود في العالم لدولة إسرائيل، وليس للدولة، التي يعيشون فيها ويحملون جنسيتها.

رغم أن اللوبيهات الصهيونية، وتلك المؤيدة لإسرائيل، من جمعيات وتيارات الجماعات اليمينية المحافظة الانجليكانية، وكذا الحركات الليبرالية المتطرفة في صهيونيتها، عزّزت من حملة مناهضة ما يسمونه بالعداء للسامية، ليتحوّل من العداء لليهود للعداء لدولة إسرائيل، فإنه خلال العامين الماضين، ضعف كثيراً جدل العداء للسامية، وكذلك كثر التساؤل حول جدوى ونفع وفائدة استخدام أموال دافع الضرائب الأمريكي لدعم دولة (هامشية) ليس لها أي فائدة استراتيجية لمصالح الولايات المتحدة ولا لأمنها القومي.

هؤلاء المناوئون الجدد لإسرائيل في الولايات المتحدة، ممن لم يرتدعوا بسردِية العداء للسامية ولا بالقوانين التي تحميها والنفوذ السياسي، الذي وراءها، يجادلون؛ أن شعار أمريكا أولاً، هو الأولى أن يؤخذ به، وليس شعار إسرائيل أولاً، كما يزعم بعض الساسة الأمريكيين مثل، نيكي هيلي، المندوبة السابقة للولايات المتحدة، التي تزعم: أن الولايات المتحدة هي التي في حاجة لإسرائيل وليست إسرائيل هي التي في حاجة لأمريكا. حتى أن رؤساء أمريكيين، مثل الرئيس السابق جو بايدن كان يتفاخر بكونه يروّج لشعار: لو لم تكن إسرائيل موجودة، لعملنا على إيجادها.

هذه الأيام، هناك صحوة سياسية وإعلامية وأكاديمية وثقافية تتساءل حول أسطورة العداء للسامية.. وتهاجم إسرائيل صراحةً وعلناً.. وتتساءل عن جدوى دفع مليارات الدولارات سنوياً من أموال دافع الضرائب الأمريكي لإسرائيل، بينما هناك فئات من الشعب الأمريكي في حاجة للطعام والرعاية الصحية ومكافحة التضخم وعلاج مشكلة البطالة ودعم التعليم، وتوفير جودة حياة كريمة للشعب الأمريكي… إلخ.

أسئلة تعيد إلى الأذهان تطوّر المسألة اليهودية في أوروبا، خاصةً في ألمانيا، عندما أرجع هتلر كل أزمات ألمانيا، منذ بداية القرن الماضي، لليهود، ونتج عن ذلك ما عُرف بعد ذلك بأسطورة الهولوكوست، عندما بلغت المسألة اليهودية أوجها، باتباع النازيين حلولاً جذرية استئصاليّة للتعامل مع المسألة اليهودية في ألمانيا والدول التي احتلتها في الحرب العالمية الثانية، مثل بولندا وفرنسا والعديد من دول غرب ووسط أوروبا.


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى