المصنفات الإعلامية بين العرف والابتكار: قراءة في نظام حماية حقوق المؤلف السعودي – أخبار السعودية – كورا نيو

يُعد نظام حماية حقوق المؤلف أحد أهم الركائز التشريعية التي وضعتها المملكة لحماية الإبداع الفكري، انسجامًا مع رؤية 2030 التي أولت الملكية الفكرية عناية خاصة بوصفها ثروة وطنية لا تقل أهمية عن الثروات المادية. هذا النظام لم يقف عند حماية الكتب أو الأعمال الفنية التقليدية، بل امتد ليشمل أشكالًا جديدة من المصنفات الإعلامية، حتى تلك التي قد يظن البعض أنها عابرة أو مألوفة في التداول اليومي.
المصنفات الإعلامية في النظام
المادة الثانية من النظام السعودي عرّفت المصنف بأنه «كل ابتكار أصلي في مجال الآداب والفنون والعلوم، أياً كان نوعه أو طريقة التعبير عنه أو أهميته أو الغرض منه». وهذا التعريف الواسع يعكس فلسفة النظام في حماية الفكرة المبتكرة متى ما تجلت في صورة يمكن إدراكها، بغض النظر عن بساطتها أو شكلها.
الكلمات والحروف.. من التداول الشعبي إلى المصنف الابتكاري
كثير من العبارات أو الحروف المختصرة تتداولها الألسنة بشكل عفوي، وتصبح جزءًا من الثقافة الشفوية للمجتمع. لكن ما إن يُعاد تشكيل هذه الكلمات أو الرموز في قالب مختلف، أو يُضاف إليها معنى محدد يُميزها عن الاستعمال العام، فإنها تنتقل من حيز العرف العام إلى مصاف المصنفات الابتكارية المحمية.
فمثلاً: قد يتداول الناس كلمة أو اختصارًا معينًا، لكن عندما يأتي فرد ويستخدم ذات الكلمة في سياق مبتكر – سواء عبر دمجها في شعار إعلامي، أو ربطها بحملة ترويجية، أو تحويلها إلى عنوان برنامج جماهيري – فإنها تصبح مُصنفًا إعلاميًا أصليًا يستحق الحماية القانونية.
معيار الابتكار
القاعدة التي يعتمدها النظام ليست شيوع الكلمة أو الحرف بذاته، بل طريقة التوظيف والمعنى الجديد الذي أُضفي عليه. فإذا كان هذا الاستخدام يحقق قدرًا من التمييز والإبداع، فإنه يخرج من دائرة العموم ويصبح ابتكارًا أصيلًا.
مجرد وجود الحروف أو الكلمات في التداول العام لا يمنحها حماية.
لكن إدماجها في عمل إعلامي أو أدبي بشكل غير مسبوق يجعلها مصنفًا خاضعًا لحقوق المؤلف.
الأثر العملي
هذا المفهوم يفتح الباب أمام الإعلاميين والمبدعين لاستثمار اللغة اليومية وإعادة صياغتها في أعمال جديدة، مع ضمان حمايتهم من التقليد أو الاستغلال غير المشروع. كما يُحذر في الوقت ذاته من الاستهانة بحقوق المؤلف، إذ إن ما يراه البعض مجرد «كلمة دارجة» قد يكون محميًا إذا ارتبط بمصنف ابتكاري أصيل.
العقوبات والجزاءات
نظام حماية حقوق المؤلف لم يقتصر على تقرير الحماية، بل ربطها بجزاءات رادعة لكل من يعتدي على المصنفات. وتشمل هذه العقوبات:
غرامات مالية تصل إلى 250,000 ريال.
إغلاق المنشأة المخالفة مؤقتًا أو نهائيًا.
مصادرة النسخ المخالفة والأدوات المستخدمة في إنتاجها.
تعويض المؤلف عما لحقه من ضرر مادي أو معنوي.
وهذا يعكس جدية المشرّع السعودي في حماية المبدعين وضمان أن يكون الابتكار محاطًا بسياج قانوني يحفظ حقوق أصحابه.
إن نظام حماية حقوق المؤلف السعودي لا يحمي الكلمات أو الحروف بذاتها، وإنما يحمي الإبداع الكامن في طريقة صياغتها وتوظيفها. ومع تطور الإعلام وتعدد منصاته، أصبح لزامًا على المبدعين أن يدركوا أن الابتكار قد يبدأ من أبسط التفاصيل اللغوية، لكنه متى ما صيغ في قالب جديد، فإنه يصبح مصنفًا له حماية قانونية كاملة، ومن يعتدي عليه يُعرّض نفسه لعقوبات صارمة تؤكد أن حقوق المؤلف خط أحمر.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات