أخبار العالم

النفط السعودي والدفعة الأولى ! – أخبار السعودية – كورا نيو



نستحضر اليوم كلمة الملك فيصل -رحمه الله- في حفل افتتاح كلية البترول والمعادن أوائل الستينيات الميلادية -أصبحت جامعة لاحقاً- مع هذه الاحتفالات الكبيرة التي تقوم بها الجامعات والكليات المدنية والعسكرية السعودية -البالغ عددها 72- بأبنائها وبناتها الخريجين، لنفهم لماذا استثمر السعوديون في التعليم مبكراً، وكيف أثر ذلك التعليم في نهضة السعودية اليوم.

بدأت كلية البترول والمعادن بخطاب شهير للملك فيصل، جاء فيه: «أيها الإخوان كان هذا المعهد حلماً من أحلامنا قبل عدة سنوات، حيث كنا ننظر إلى ما حولنا، فنجد أنفسنا صامتين مبهورين ليس في إمكاننا أن نجاري غيرنا، أو نقارع الأمم الأخرى، في سبيل النهضة والحياة، ولكن الله سبحانه وتعالى سهّل السبيل ومهّد الصعاب التي تعترض الطريق، فوُجد هذا المعهد في فترة لا تتجاوز السنتين، وفي اعتقادي أن هذه فترة قياسية، أن ننظر إلى ما كنا عليه قبل سنتين، وما نحن عليه الآن».

لقد كانت فكرة عبقرية وتحدياً كبيراً في الوقت نفسه، أمام سبع شركات أمريكية تسيطر ليس على صناعة النفط فقط، بل وتستحوذ على المعرفة والتكنولوجيا التي لا يمتلكها أحد في العالم في ذلك الحين، لكن أثرها العميق ظهر لاحقاً بعدما استحوذ السعوديون على صناعة النفط في بلادهم، فإذا هم يسيرون الصناعة بأكفأ مما كانت، ولم يحدث في إمدادات الطاقة أي أثر يذكر، ولا تزال العقول السعودية تدير هذه الصناعة وتؤثر في مسارها في الأسواق العالمية.

كان الهدف هو بناء كوادر سعودية موازية وقادرة على حمل مسؤولية إنتاج البترول في مرحلة مبكرة من تاريخه، وفي وقت كانت الشركات الأجنبية مسيطرة على إنتاج النفط في العالم العربي، وبالرغم من أن السواد الأعظم من البلدان العربية كانت تعاني من سيطرة وهيمنة الشركات الأجنبية على نفطها، إلا أنها لم تذهب نحو توطين الصناعة البترولية إلا في مراحل متأخرة على عكس السعوديين، واكتفى البعض منهم بإطلاق الشعارات الشعبوية بتأميم النفط، إلا أن القيادة الراشدة في المملكة العربية السعودية أخذت قراراً مختلفاً ومتدرجاً نحو بناء كوادرها الوطنية ثم الاستحواذ على الصناعة النفطية في داخل المملكة بالكامل.

قامت السعودية أولاً بتعليم أبنائها معرفة صناعة البترول من رحلة الإنتاج إلى التصدير وانتهاء بالبيع في الأسواق العالمية، نعم لقد تعمدت الشركات الغربية تغييب الجميع عن سر الصناعة، فكانت هي التي تكتشف وتستخرج وتكرر وتحمل وتسير الناقلات وتبيع، ثم تأتي إلى الدول النفطية وتعطيها الفتات، إلا في المملكة التي دفعت بأبنائها في وقت مبكر لفهم سر الصناعة وتولي أمرها حتى وصلت ملكية الدولة السعودية في شركات النفط إلى 100٪، مع كوادر سعودية متعلمة ومنتشرة ومسيطرة على كل قطاعات النفط والمعادن في المملكة.

أخبار ذات صلة

 

الدول التي انساقت وراء موجة التأميم الشعبوية دفعت الثمن غالياً.. نعم سيطرت على نفطها ولكن بدون العلم اللازم وبدون طواقم وطنية على الأرض، ما أدى إلى تدهور وضعها البترولي، ثم قامت بعد ذلك باستبدال الشركات الغربية بشركات أخرى سوفيتية أو حتى غربية دون بنية تحتية معرفية وعلميّة ولا كوادر وطنية.

ما يلفت الانتباه أن أول دفعة من طلاب كلية البترول والثروة المعدنية السعودية، البالغ عددهم 67 طالباً، ضمت أيضاً طلاباً عرباً، كان منهم جزائريون، جاء ذلك من موقف عروبي أصيل تبنته المملكة تجاه محيطها العربي، خاصة من الدول التي أرادت الاستفادة من التجربة السعودية.

الاحتضان السعودي للطلاب العرب جاء بالرغم من إمكانات المملكة المحدودة حينها كدولة ناشئة، وبالرغم من الحملات المسمومة التي كانت ولا تزال توجه للسعوديين منذ الستينيات وحتى اليوم.

الجزائريون -مثلاً- الذين كانوا وقتها في أولى مراحل التخارج من المستعمر الفرنسي، استقبلت السعودية 15 طالباً منهم في كليتها للبترول والمعادن ليصبحوا في ما بعد نواة صناعة النفط الجزائرية، بل إن سفير الجزائر في المملكة وهو السيد محمد يكن الغسيري كان حاضراً في الحفل، بجانب الشيخ عيسى بن سلمان أمير دولة البحرين الشقيقة -المملكة لاحقاً-، والشيخ خليفة بن حمد أمير دولة قطر.

بالرغم من إمكانات السعودية المحدودة حينها -الخمسينيات والستينيات الميلادية- فقد شاركت إخوانها العرب الأحلام والإمكانات والمعرفة ولقمة العيش، وخاصة تعلم صناعة البترول، أهم صناعة في تاريخ البشرية، وهو الأمر نفسه الذي تقوم به السعودية حتى اليوم -بعدما تعاظمت إمكاناتها- مع أشقائها السوريين والسودانيين والفلسطينيين وغيرهم الكثير، بالدعم والمساندة ونقل المعرفة.




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى