تجارة الدم المسكوت عنها – أخبار السعودية – كورا نيو

من الأمور المسكوت عنها في مجتمعنا ظاهرة تجارة الدم وجمع ديات القتل، التي نشطت وبلغت ذروتها لدينا خلال السنوات العشر الماضية، حيث بلغت أرقام الديات للتنازل عن تنفيذ الحد الشرعي مبالغ مهولة جدّاً وصلت إحداها إلى 55 مليون ريال سعودي و40 مليون ريال و30 مليون ريال، بينما ظلت ديات أخرى تراوح بين خمسة ملايين إلى 20 مليون ريال، وتعتبر هذه المبالغ المليونية تجارة فاحشة لا تراعي الجوانب الإنسانية، ولا حتى القيم الاجتماعية رغم أن الشرع الحنيف قدّر الدية بما يعادل 100 من الإبل، ومهما كانت قيمة الإبل السوقية اليوم إلّا إنها تبدو طبيعية ويستطيع تنفيذها ودفعها أهل الدم دون مشقة، لكن ما يحدث من تحديد مبالغ مليونية تعجيزية هي التي تفاقم مأساة بعض الأسر التي تلجأ لمجتمعها القبلي والعشائري الذي يتصدى لجمع الدية في مشهد يطول ويأخذ أشكالاً كثيرة وطرقاً متعددة تعتمد على النخوة وعلى الفزعة لجمع المبالغ وإنشاء قروبات خاصة على مواقع التواصل ثم تكتب قصائد وتصنع تصاميم هذه القصائد تخاطب أبناء القبيلة تشرح فيها مأساة السجين الذي ينتظر القصاص وتستجدي العواطف والقلوب الرحيمة للوقوف والتبرع، وأيضاً تقال قصائد أخرى تتوسل وتخاطب أهل الدم إما للتنازل أو لتخفيض المبلغ، وتمشي رحلة طويلة تستغرق أشهراً وسنوات حتى يتم اكتمال المبلغ وانتهاء المهلة المحددة المتفق عليها بين أهل القتيل وأهل القاتل..
ونسأل الله العفو والعافية، فحوادث القتل أيّاً كانت فهي تعتبر من نوائب الدهر ومن مصائب الدنيا ونوازل الزمن..
ومع تزايد إشكالية تجارة الدم والمزايدة عليها نتمنى تدخل مجلس القضاء الأعلى وهيئة كبار العلماء ومجلس الشورى لدراسة هذه الظاهرة وتحديد وتقنين الديات لإيقاف سوق تجارة الدم المسعورة التي لا توجد في أي مجتمع آخر بالعالم مثلما بلغت واشتعلت في مجتمعنا.. والسؤال ما زال قائماً: إلى متى تبقى ظاهرة تجارة دم الديات مسكوتاً عنها لدينا؟!
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات