أخبار العالم

تركيا وإسرائيل.. تنافس خفي فوق الأراضي السورية! – أخبار السعودية – كورا نيو



منذ سقوط نظام الأسد برز إلى المشهد السوري الدور التركي والمطامع الإسرائيلية، وهو تنافس غير مباشر لكنه بالغ التأثير، تتقاطع فيه المصالح حيناً وتتعارض حيناً آخر، فينعكس سلباً على مستقبل الاستقرار في سورية. هذا التنافس الخفي حيناً والظاهر أحياناً أخرى يُعد أحد أهم معوقات عودة الدولة السورية ككيان موحد ذي سيادة، إذ إن تل أبيب تتعامل مع الأراضي السورية كمنطقة نفوذ أمنية، دون اعتبار كافٍ لآثار ذلك على المجتمع والدولة السورية. تركيا ترى في سورية عمقاً أمنياً لا يمكن التفريط به، وتسعى جاهدة لمنع قيام كيان كردي مستقل أو شبه مستقل على حدودها الجنوبية تمثله «قسد/YPG». في المقابل، تنظر إسرائيل إلى سورية من زاوية مختلفة تماماً، إذ تعتبرها بوابة النفوذ التركي إلى المشرق العربي، ولهذا تسعى تل أبيب إلى منع أي تموضع عسكري تركي على الأراضي السورية، فضلاً عن سعيها الدائم للحفاظ على تفوقها الجوي وأمن حدود الجولان. ورغم أن الجانبين تلاقت مصالحهما أحياناً، إلا أهدافهما النهائية متباينة؛ فتركيا تريد ترسيخ منطقة نفوذ تضمن أمن حدودها، فيما تركز إسرائيل على إضعاف الدولة السورية ككل لضمان تفوقها وردع خصومها في المنطقة، مما يجعل التنافس بينهما جزءاً من معادلة شدّ وجذب مستمرة تُبقي الأزمة السورية مفتوحة على احتمالات متعددة. هذا التنافس ترك بصماته الواضحة على الواقع السوري، إذ ما زال يساهم في إضعاف أي سلطة مركزية والتي تمثلها حكومة الرئيس أحمد الشرع والتي تحاول إعادة بناء الدولة، إسرائيل باتت تمثل عقدة في مسار الحل السوري لأنها تدعم قوى محلية تعمل خارج إطار الدولة، فتسعى لتكريس انقسام الجغرافيا السورية. وتبدو محافظة السويداء مثالاً حياً على هذا التفكك، حيث يتقاطع الفراغ الأمني الناجم عن انسحاب الجيش السوري مع الديناميكيات المحلية التي أنتجت تمرد «الهجري» وما يشبه الإدارة الذاتية المحدودة، في حين لا تبدي تركيا اهتماماً حقيقياً باستقرار الجنوب ما دام بعيداً عن حدودها. كما يعرقل هذا التنافس أي تسوية لملف «قسد»، إذ ترى أنقرة أن إنهاء وجودها شرط لبناء سورية آمنة، بينما تنظر إسرائيل (ومعها واشنطن) إلى «قسد» كأداة ضرورية للضغط على تركيا ودمشق في الآن معاً، ليجد السوريون أنفسهم أمام مشهد واحد هو منع إعادة بناء المؤسسة العسكرية الوطنية وبقاء البلاد في حالة «اللااستقرار». وسط هذا المشهد، تلعب الولايات المتحدة دور «ضابط الإيقاع»، فهي الحليف لكل من تركيا العضو في الناتو وإسرائيل الشريك الإستراتيجي، وتنجح في منع الصدام المباشر بينهما لكنها لا تقدّم حلاً حقيقياً. فواشنطن تدعم «قسد» عسكرياً، وتنسق مع تركيا استخباراتياً، وتغطّي الضربات الإسرائيلية سياسياً، ما يجعل سياستها خليطاً من التباينات التي تحافظ على توازن هشّ يمنع الانفجار لكنه لا يقرّب التسوية. الحل لا يمكن أن يأتي إلا عبر مبادرة أمريكية تجمع أنقرة وتل أبيب على طاولة واحدة، لتتحوّل إلى «قيادة دبلوماسية»، بما يضمن مخاوف تركيا الأمنية ويأخذ في الحسبان هواجس إسرائيل. فالمصلحة المشتركة بين الطرفين تكمن في إدراك أن استمرار الفوضى سيؤدي إلى عودة تنظيمات متطرفة مثل داعش. ومع ذلك، يبقى العائق الأكبر في الحكومة الإسرائيلية الحالية ذات النزعة المتطرفة التي يصعب أن تلعب دوراً بنّاءً في مشروع إقليمي متوازن، لكن يبقى الرهان قائماً على واشنطن بوصفها الطرف الوحيد القادر على ممارسة ضغط فعلي لتقريب وجهات النظر. وفي نهاية المطاف، تظل السيادة السورية هي جوهر أي حل حقيقي، إذ لا يمكن أن يستعيد الشرق الأوسط توازنه ما دامت سورية تُستخدم كساحة لتصفية الحسابات، فاستمرار هذا الواقع لا يعني سوى تكريس الفوضى التي لن يسلم من آثارها أحد.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى