أخبار العالم

دولة وظيفية بدرجة عظمى..! – أخبار السعودية – كورا نيو



عادةً ما يطلق مصطلح الدولة الوظيفية على دولة هامشية ضعيفة، يستمد نظامها السياسي شرعية وجوده، ليس بالضرورة وحصرياً، من إرادة شعبه، بقدر جدارته في خدمة مصالح قوىً كبرى، لا غنىً عنها سياسياً وأمنياً واقتصادياً، على حساب مصالحها القومية، سيادتها، واستقلالية قرارها السياسي.

إلا أن الآية قد تنقلب، ويكون العكس في حالة نادرة جداً، قد لا تتكرر، عندما تكون الدولة الوظيفية هي دولة عظمى، بينما الدولة الراعية المهيمنة كونياً، هي تلك الدولة الهامشية المغمورة، التي لا تشكّل أي أهمية استراتيجية، أمنياً واقتصادياً وسياسياً، للدولة العظمى. ذلك يكون عندما تستعذب، نخبها الحاكمة، أن تقوم بدور الدولة الوظيفية، لخدمة مصالح وأجندات تلك الدولة الهامشية الهشة.

تلك هي العلاقة «الشاذة» غير الطبيعية في عالم العلاقات بين الدول، الذي يخضع لميزان قوة «مادي» يمكن قياسه كمياً، يفرض تراتبية «هيراليكية» خاصة بجاذبية متلازمة، تجعل هناك مصدراً جاذباً لكل تابع يدور في فلكه. تماماً، كما هي العلاقة بين الشمس وتوابعها من الكواكب، بأقمارها وحلقاتها وكويكباتها ومذنباتها ونيازكها. مثل ما لا يمكن تصور علاقة عكسية تجعل من توابع الشمس مركزاً للجاذبية، نفترض مجالاً معكوساً للحركة، في عالم العلاقات الدولية. من الصعب، بل من المستحيل، أن يكون مركز الجاذبية، تابعاً لجُرْمٍ، يقع على هامش النظام الدولي، لكن ذلك يحصل، فقوانين السياسة، ليست – بالضرورة – قوانين الفيزياء.

لكن، في الحقيقة، هذه هي العلاقة بين واشنطن وتل أبيب. هناك في الولايات (350 مليون نسمة) تيار سياسي قوي مؤيد لإسرائيل (7 ملايين نسمة)، ربما يتجاوز ما يتمتع به الإيباك ليمثّل تياراً يمينياً محافظاً مؤيداً بشدة، يزعم: أن الولايات المتحدة في حاجة لإسرائيل أكثر من حاجة إسرائيل للولايات المتحدة! هذا ما تقوله: سياسية (جمهورية) نشطة، مثل؛ نيكي هيلي الحاكم السابق لولاية كارولاينا الجنوبية والمندوبة السابقة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة والمرشحة السابقة للرئاسة الأمريكية. موقف يعتبره الكثير من الأمريكيين غير وطني، يصبّ في هيمنة إسرائيل على السياسة الخارجية الأمريكية، وبالتالي: تبعية واشنطن لإسرائيل.

لماذا نذهب بعيداً: الرئيس الأمريكي، في خطابه بالكنيست، قبل ذهابه لشرم الشيخ، لحضور مؤتمر وقف إطلاق النار في غزة، أكّد أن بنيامين نتنياهو أحياناً كان يوقظه ليلاً، ليطلب منه أسلحة، ليباشر صباحاً بإرسالها، ثم استدرك قائلاً إن إسرائيل تحسن استخدام السلاح الأمريكي المتطور.

ليس هذا فحسب، الرئيس الأمريكي، أكد أمام الكنيست أنه نفّذ وعده لميريام أديلسون عندما وجه خطابه لها، قائلاً: ألم أوفِ بوعدي لكِ في الفترة الأولى من ولاياتي، واتخذت قرارات جَبُن رؤساء أمريكيون قبلي عن اتخاذها، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل ونقلت سفارة الولايات المتحدة إليها.. وأيضاً: تم الاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان السورية. كل هذا مقابل 40 مليون دولار تبرعت بها مريام وزوجها في حملة الرئيس ترمب الأولى!

كما ألمح، الرئيس ترمب: إنه سيعمل جهده في ولايته الثانية (الحالية) لخدمة أطماع إسرائيل التوسعية، كالاعتراف بضم إسرائيل للضفة الغربية. هذا بالإضافة لاستعداده تبني خطط إسرائيل التوسعية، لبناء إسرائيل الكبرى! طبعاً هذه المرة دفعت السيدة أديلسون: 100 مليون دولار، لدعم حملته الانتخابية الأخيرة! لم ينسَ الرئيس ترمب أن يشير، إلى أن: السيدة أديلسون، ولو بطريقة غير مباشرة تحب إسرائيل أكثر من الولايات المتحدة! لم يتضايق من هذا، بل تمادى بالتفاخر بها والإغراق في تملقها.

لكن رغم إصرار التيار الأنجلوسكسوني الأبيض المتحدث باللغة الإنجليزية على رهن إمكانات وقدرات وغنى وتقدّم ومكانة واشنطن المرموقة (المهيمنة)، على النظام الدولي، لخدمة دولة هامشية (لا علاقة استراتيجية مباشرة لها بمصالح وأمن الولايات المتحدة)، هناك، داخل المجتمع الأمريكي ما يمكن وصفها بأنها صحوة (وطنية)، تتساءل عن هذه العلاقة التي يصر عليها التيار الأنجليكاني، لتتحوّل واشنطن للعب دور الموظف (دون أجر أو عائد) لدى تل أبيب!

تيار وطني، أخذ ينتشر كانتشار النار في الهشيم، بين قاعدة الرئيس ترمب الشعبية من الجمهوريين المحافظين، من أمثال: تشارلي كيرك، الذي اغتيل الشهر الماضي، عندما طالب: بمراجعة العلاقة مع إسرائيل. ويظهر على السطح، هذه الأيام، الإعلامي المحافظ (تكر كارلسون)، الذي تحوّل من محافظ متزمت مؤيد لإسرائيل، إلى معارضٍ شرسٍ لهذه العلاقة بين بلاده والدولة العبرية، مطالباً بإعادة النظر في هذه العلاقة، التي تكلف دافع الضرائب الأمريكي أموالاً طائلة كان يمكن إنفاقها لصالح المواطن الأمريكي، في تعليمه، صحته، محاربة البطالة، التضخم وتحسين جودة الحياة.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى