زلزال الدوحة.. كيف أعاد هجوم إسرائيل رسم الخريطة السياسية للمنطقة؟ – أخبار السعودية – كورا نيو

تحولت العاصمة القطرية الدوحة من مركز هادئ للوساطة الدبلوماسية إلى بؤرة لأزمة سياسية غير مسبوقة، بعدما نفذت إسرائيل هجوما عسكريا مباشرا على أراضيها. هذا الهجوم، الذي استهدف قادة من حركة حماس كانوا في طريقهم لجولة مفاوضات، لم يكن مجرد عملية عابرة، بل كان بمثابة إعلان واضح بأن إسرائيل لم تعد تحترم قواعد الاشتباك التقليدية، وأنها مستعدة للتصعيد على نطاق إقليمي أوسع.
في أعقاب هذا العدوان، اجتمعت القيادات الخليجية والعربية والإسلامية في الدوحة في قمتين طارئتين اليوم (الإثنين) بهدف بلورة موقف موحد وحازم. ومن خلال تحليل ما بين سطور البيانات الختامية، يمكن استخلاص نقاط رئيسية تعكس تحولا جذريا في الموقف العربي والإسلامي تجاه إسرائيل، وتهديدا صريحا لمستقبل العلاقات معها.
الموقف الخليجي: من الإدانة إلى التفعيل
كان البيان الختامي للقمة الخليجية الأكثر وضوحا وحسما. فبدلا من الاكتفاء بالإدانة اللفظية المعتادة، دعا القادة إلى تفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية. هذه النقطة ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي رسالة واضحة بأن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ، وأن الهجوم على قطر يُعتبر هجوما على كل دول الخليج.
تفعيل الدفاع المشترك
يشير هذا إلى تحول نوعي في التفكير الأمني الخليجي. فبعد سنوات من الاعتماد على التحالفات الأجنبية، يبدو أن دول الخليج أدركت أن أمنها المباشر يستدعي تعزيز قدراتها الذاتية المشتركة لمواجهة التهديدات. وهذا التوجه قد يؤدي إلى تعزيز التنسيق العسكري، وإعادة تقييم الإستراتيجيات الدفاعية، وربما اتخاذ خطوات غير مسبوقة لردع أي عدوان مستقبلي.
تهديد مباشر للعلاقات
يربط البيان الخليجي صراحة بين استمرار «السياسات العدوانية» الإسرائيلية و«تقويض جهود تحقيق السلام ومستقبل التفاهمات والاتفاقات القائمة». ويضع هذا الربط مصير اتفاقيات بعض الدول العربية (مثل اتفاقيات أبراهام) على المحك، ويشير إلى أن أي توسع في العلاقات مع إسرائيل قد يتوقف أو يتراجع في ظل هذا الانفلات. إنها رسالة مفادها أن السلام لا يمكن أن يبنى على سياسة استهداف سيادة الدول.
تضاؤل سقف التحمل العربي
عكست القمة العربية الإسلامية موقفا موحدا من الهجوم، إذ أكدت رفض التهديدات الإسرائيلية باستهداف أي دولة عربية أو إسلامية. ويعكس هذا الموقف إدراكا مشتركا بأن الهجوم على قطر لم يكن مجرد حادثة منعزلة، بل كان يهدف إلى تقويض جهود الوساطة الرامية لوقف العدوان على غزة.
استهداف الدبلوماسية
ويؤكد البيان أن إسرائيل لم تستهدف «حماس» فقط، وإنما كانت تستهدف الدور الدبلوماسي الذي تلعبه الدول العربية والإسلامية. لأن استهداف الوسطاء يهدد أي فرصة للتوصل إلى حل سلمي، ويجعل من الصعب على أي طرف عربي أن يثق في حسن نوايا إسرائيل خلال المفاوضات.
نقل الصراع إلى الخليج
يمثل الهجوم الإسرائيلي على قطر نقلا نوعيا للصراع. فبعد أن كان الصراع محصورا بشكل أساسي في الأراضي الفلسطينية، بات يهدد الآن استقرار المنطقة. ويفرض هذا التحول على الدول العربية والإسلامية اتخاذ موقف أكثر حزما من أي وقت مضى، لأن الخطر لم يعد مجرد قضية إنسانية، بل أصبح تهديدا وجوديا لأمنها القومي.
ويمكن القول إن الهجوم على الدوحة قلب الطاولة على جميع المعادلات الإقليمية. فبعد سنوات من الجهود الهادئة والوساطات السرية، باتت الدول العربية والإسلامية تواجه خيارا صعبا: إما أن تتحد لفرض موقف رادع تجاه إسرائيل، أو أن تقبل بأن أمنها لم يعد خارج مرمى الاستهداف. وعشية زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الدوحة بعد تل أبيب، يضع هذا الحدث المجتمع الدولي بأسره أمام اختبار حقيقي: هل سيتم ردع ولجم الانفلات الإسرائيلي لتوقف تل أبيب انتهاكاتها؟ أم سيتم السماح لها بجر المنطقة بأسرها إلى صراع أوسع وأكثر خطورة؟
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات