«عكاظ» ترصد بقايا العرب في «قصبة لشبونة» – أخبار السعودية – كورا نيو

على أعلى قمة من تلال لشبونة، حيث تطل المدينة على نهر «التاجة» تقف قلعة «القصبة» الشامخة، التي تسمى اليوم قلعة «القديس جورج» كأحد أهم المعالم التاريخية، التي تختزن بين حجارتها آثارًا تمتد لقرون طويلة.
ورغم تعدد الحضارات التي مرّت على هذا الموقع، يبقى العهد الإسلامي أحد أهم الفصول، التي شكّلت ملامح القلعة والمدينة على السواء.
بناء إسلامي واضح المعالم
يوضح موقع القلعة على التل، أن بنية التحصينات القائمة اليوم ترجع جذورها إلى الفترة الإسلامية، حين خضعت لشبونة للحكم العربي منذ أوائل القرن الثامن الميلادي.
وخلال تلك المرحلة، برزت القلعة كجزء من منظومة دفاعية متقدمة، تُعرف باسم «القصَبة» وهو مصطلح لاتزال اللغة البرتغالية تحتفظ به من العربية.
وتميزت هذه التحصينات بتخطيط هندسي يستفيد من طبيعة التل ووعورته، ويعتمد على أبراج مراقبة وسور خارجي، يتيح السيطرة على الطرق المؤدية إلى المدينة، وعلى مجرى نهر التاجة، الذي كان أحد أهم شرايين التجارة في الغرب الإسلامي.
ممرات وأسوار تحتفظ ببصمة العرب
وتكشف جولة «عكاظ» داخل القلعة ملامح عمرانية ما تزال تشير بوضوح إلى تلك الحقبة، خصوصًا في توزيع الأبراج، وتصميم الممرات الضيقة، التي تسمح بالسيطرة على حركة الداخلين، إضافة إلى وجود بقايا منشآت مدنية وعسكرية داخل «القَصَبة» تُظهر أن المكان عبارة عن مركز إداري محصن، ويشرف على المدينة من كل الجهات.
كما أن طريقة بناء الجدران، وتقسيم المساحات الدفاعية، وطبيعة الاستخدامات داخل القلعة، كلها تحمل أثر الأسلوب الإسلامي في إقامة الحصون، وهو الأسلوب ذاته الذي ظهر في مدن أندلسية أخرى، مثل قرطبة وإشبيلية وغرناطة.
1147… التحول الكبير وسقوط لشبونة
في عام 1147 كان مفصلًا في تاريخ القلعة، إذ سيطر البرتغاليون على لشبونة بعد حصار طويل، لتتحول القلعة الإسلامية إلى مقر ملكي، ثم إلى مركز سياسي للحكم الجديد. ومع أن الترميمات اللاحقة، خصوصًا بعد زلزال 1755 غيّرت أجزاء من القلعة، إلا أن الهيكل الأساسي للتحصينات ظل قائمًا، محتفظًا ببصمة الحقبة الإسلامية بوضوح.
مدينة متعددة الحضارات
ومن أعلى الأسوار، تبدو لشبونة الحديثة ممتدة على سفوح التلال، بينما تقف القلعة خلفها كذاكرة مفتوحة، تروي قصة مدينة مرّت عليها حضارات متعاقبة، كان للعرب والمسلمين فيها حضور ممتدّ لأكثر من أربعة قرون.
ذلك الحضور لم يقتصر على الحكم، بل شمل العمران واللغة والعلوم وتنظيم المدن، وهو ما رصدته «عكاظ» بين تفاصيل تلك القلعة.
ورغم أن البرتغال المعاصرة أعادت صياغة وظائف الموقع، ليكون فضاءً ثقافيًا وتاريخيًا، فإن القلعة بما تبقّى فيها من تحصينات داخلية، لا تزال شاهدًا حيًا على مرحلة إسلامية عتيقة، لكنها تركت أثرها العميق في تكوين العاصمة البرتغالية نفسها.
قلعة تختزن ذاكرة العرب في الغرب الأوروبي
هكذا تبدو «قَصبة لشبونة» أو كما تسمى اليوم قلعة القديس جورج، معلمًا يُقرأ بعيون عدة، لكنه يحمل في قلبه صبغة عربية إسلامية واضحة، تكشفها الجدران والأسوار، وتؤكدها الدراسات التاريخية، وتعيدها للذاكرة كل زيارة لها.
المصدر : وكالات



